وفي السعي بين الصفا والمروة وفي عرفة وفي المزدلفة وفي المشعر الحرام وفي منى وفي رمي الجمرات ؛
يجتمع المؤمنون على صعيد واحد وفي نظام ولباس واحد وتلبية موحدة .
وفي شعور المؤمنين بأن مكة بلد الله الحرام هي للمسلمين جميعهم على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ،
كل هذا وغيره يحقق للمؤمنين في موسم الحج وحدة المظهر وعن ذلك تنشأ الوحدة الروحية والإجتماعية والفكرية والاقتصادية .
وفي لباس الإحرام المتُحِد الخالي عن التجمل والتباهي ، وفي التشعث والتغبر يقضي المؤمن على أنانيته والتفاخر والتعالي .
وفي ذلك تذكر بموقف الإنسان بين يدي الله عز وجل حفاة عراة من كل شي يوم العرض والحساب ،
يقول سبحانه : ( يومئذ تعرضون لاتخفى منكم خافية ) ( 18 الحاقة )
إن المقصود الأعظم من أداء فريضة الحج هو امتثال أمر الله تعالى ، كما امتثله خليل الله ابو الانبياء ابراهيم عليه السلام ،
حيث أمره تعالى بإقامة هذا الموسم العظيم وبأن يؤذن في الناس بالحج ، يقول عز وجل :
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات)( 27الحج )
ومن المعلوم أن مشروعية الحج قديمة في هذه الامه الاسلامية ، قدم الصلاة والزكاة والصيام منذ رسالات الانبياء عليهم السلام ،
يقول سبحانه : ( ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على مارزقهم من بهيمة الانعام ) الحج .
أن اهم ماينبغي أ، يتذكره المؤمن وهو يؤدي فريضة الحج هو تلك العقيدة الصافية النقية من كل شوائب ،
عقيدة التوحيد التي أمر الله عز وجل بها خليله ابراهيم عليه السلام ، بعد ما بوٌأه مكان البيت وأرشده الى قواعدد الحج ومناسكه
يقول تعالى : ( وإذا بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لاتشرك بي شيئا ) الحج 26
وفي الاماكن المقدسة والبقاع المباركه يتذكر المؤمن ابراهيم الخليل عليه السلام وهو يدعو ربه في ضراعه وخشوع :
( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا ) (البقرة 128) .
وفي تلك المواطن الطاهرة يتذكر المؤمن ذلك الابتلاء العظيم حيث امر الله تعالى خليله ابراهيم عليه السلام بذبح ولده اسماعيل
( فلما بلغ معه السعي قال يابني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى ) (الصافات 102)
فيستسلم اسماعيل لامر الله وقضائه ويقول :
( يا أبت افعل ماتؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين ) الصافات .
ثم تكون عاقبة صبرهما وامتثالهما ان فداه الله تعالى بذبح عظيم ، وان شرف خليله بندائه :
( ان ياابراهيم قد صدقت الرءيا انا كذلك نجزي المحسنين ) الصافات.
ويتذكر المؤمن وثوق ابراهيم عليه السلام بربه وضراعته ، حينما انزل ولده وزوجته قرب الكعبة على غير زاد
: ( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) (ابراهيم 37.)
ويتذكر هاجر وابنها عندما نفذ الزاد القليل والطعام والماء ؛
اذ قامت تسعى بين الصفا والمروة لعلها تجد ما تسد به رمقها وولدها حتى استكملت سبعة اشواط .
كما يتذكر الحاج في تلك المواطن الطاهرة نزول القرآن على خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم ،
وما عانى من كيد واذى ومؤامرات من اجل نشر الاسلام ومحو آثار الشرك .
وبإختصار.. فشعائر الحج ومواطنه كلها دروس وذكريات .
دمتم في آمان الله