لماذا يكذب الطفل

يكذب الاطفال لاسباب عديدة. والكذب في حالات كثيرة يعتبر جزءا من تطورهم النفسي والعقلي. ويكذب الاطفال

جميعا في مرحلة من مراحل نموهم. ويمكن ان يسبب هذا السلوك قلقا عند الاهل. ويتساءل الكثيرون من الاهالي

كيف يتعاملون مع الطفل الذي يكذب. والحقيقة ان طريقة التعامل مع هذه المشكلة تعتمد على عمر الطفل وعلى الحالات التي يكذب فيها وعلى موقف الاسرة من الكذب عموما.

مرحلة ما قبل الالتحاق بالمدرسة:

الكذب في هذه المرحلة كثير الشيوع. فالاطفال هنا غير قادرين بعد على فهم ان الكذب خطأ يجب ان يتجنبوه. ولذلك يجب

على الاهل ان لا يعاقبوا الطفل بسبب الكذب. بل عليهم، اذا كذب الطفل، ان يغتنموا المناسبة لتعليمه ان

الكذب خطأ لا يفيد. والكذب عند الاطفال في هذه المرحلة على نوعين:

-الحكاية الطويلة: هنا يروي الاطفال قصة طويلة غير حقيقية، او قصة حقيقية مبالغ فيها الى درجة كبيرة. ويتمتع الاطفال

في هذه الفئة العمرية بخيال خصب. وفي هذه المرحلة يبدأون تعلم الفارق ما بين الخيال والواقع. وعندما يروي الاطفال

حكاية طويلة فان الاغلب هو انهم يعبرون عن حالات يتمنون ان تكون حقيقية. وفي هذه الحالة بامكان الاهل ان يستجيبوا ب

طريقتين: الاولى هي ان يستمعوا الى الحكاية حتى اخرها وان يتجاهلوها. والثانية هي ان بامكانهم ان يتدخلوا لاضفاء شيء من الواقعية

على الحكاية: فمثلا اذا قال الطفل: بامكاني ان اركب دراجتي ذات الدواليب الثلاثة بسرعة مئة كيلومتر في الساعة، فان بامكان الام ان ترد: هذا اسرع من سيارة.

-الكذب بقصد الحصول على ما يريدونه او تجنب ما لا يريدونه: وهي نفس الاسباب التي تدفع الكبار الى الكذب، ولكن الاطفال لا يرون انهم

يرتكبون خطأ اذا كذبوا. ويجب على الاهل ان لا يغالوا في استجابتهم لهذا النوع من الكذب. ولكن عليهم ان يبينوا للطفل ان الكذب خطأ وان من المهم ان يكون صادقا.

ومع ان الطفل في هذه المرحلة لا يعرف ان الكذب خطأ، الا ان من المناسب ان يشير الاهل الى ذلك بان يبلغوه بانهم يشعرون بسعادة غامرة

عندما لا يكذب وبان الكذب يجعل من الصعب عليهم بناء علاقة تقوم على الثقة معه.


مرحلة دخول المدرسة:

ما بين السادسة والثامنة من العمر، يبدأ الطفل ان يفهم بوضوح انه يرتكب خطأ اذا كذب. وفي هذه المرحلة العمرية يتعين على الاهل ان

يبدأوا في تقويم الطفل وتأديبه اذا كذب. والكذب بين الاطفال في هذه المرحلة ليس بالامر المستغرب. ويكذب الطفل في هذه المرحلة:

-ليتجنب عقوبة

-لينال اعجاب الاخرين

-ليعزز احترامه لنفسه

-ليحصل على ما يريد

-ليحمي اصدقاءه وليدافع عنهم

-وقد يكذب لانه سمع اهله يكذبون.

كيف نعرف ان الطفل يكذب؟

ليس من السهل معرفة ان كان الطفل صادقا او كاذبا. ولكن هناك بعض المفاتيح التي تساعد الاهل في معرفة ذلك:

-التعبير على الوجه: يشعر الطفل الصادق بالراحة والاسترخاء، ويبدو ذلك على وجهه. في حين ان الطفل الكاذب يشعر بالقلق وهذا ايضا يبدو واضحا على الوجه.

-وضوح كلام الطفل وترابطه من الناحية المنطقية. هل ما يقوله قابل للتصديق؟ هل فيه تناقض؟

-التلقائية: اذا كان الطفل صادقا يبدو كلامه تلقائيا. واذا كان غير ذلك فان بامكان الاهل طرح عدد من الاسئلة للتوصل الى الحقيقة.

ماذا بامكان الاهل ان يفعلوه ازاء كذب الطفل؟ بامكانهم:

-ان يشرحوا اهمية نقل الحقيقة كما هي. ويجب على الاهل ان يعلموا الطفل فوائد الصدق مادام الطفل لايزال في سن صغيرة.



يجب ان يبينوا له ان الصدق يجعل علاقاته مع الاخرين مبنية على الثقة والاحترام. ويجب ان يحاولوا اقناعه بان للكذب عواقب

غير محمودة. ويجب ان يكون واضحا للاهل ان الطفل الذي تربطه علاقة ثقة واحترام مع افراد اسرته اقل ميلا الى الكذب من طفل

يعيش في اسرة تقوم العلاقات بين افرادها على الكذب والنفاق وسوء التقدير.

-ان يعلموا الطفل بالمثال العملي: فالاهل الذين يكذبون يعلمون الطفل الكذب بشكل تلقائي. يجب ان يقدم الاهل قدوة حسنة للطفل.

-ان يؤدبوا الطفل الكاذب: يضع الاهل جملة من القواعد للتعامل مع الكذب في البيت. ويجب ان تبحث هذه القواعد مع الطفل قبل ان

تدخل حيز التنفيذ. وعندما يصدق الطفل بشأن ذنب ارتكبه، من المفيد ان يكافأ على صدقه وان يعاقب على الذنب الذي ارتكبه.

-ان يجعلوا الكذب غير مفيد للطفل: فاذا كذب الطفل للحصول على شيء يريده، يجب ان لا يعطى له الشيء.

-ان لا يسخروا من الطفل الكاذب. يجب ان يبينوا للطفل انهم مستاؤون من كذبه، ولكن يجب ان لا يوحوا له بانه طفل سيء لانه كاذب. فالعقوبة هي بسبب كذبه وليس لانه طفل سيء.

- ان يبحثوا عن الاسباب وراء كذب الطفل ومن ثم ان يبحثوا عن حلول. فاذا توصل الاهل الى ان الطفل يكذب لتعزيز احترامه لنفسه فانه

يتعين عليهم ان يضعوا برنامجا لتحسين صورته في نظر نفسه بحيث لا يكذب من اجل ان يشعر بانه طفل محترم.

-ان يثنوا على الطفل عندما يكون صادقا.

-ان يستعينوا بمرشد نفسي في حالة الكذب المتكرر العنيد للبحث عن اسبابه وعلاجه.





د. زياد الحكيم