مقال للآخت / فاطمه باكودح
و أنا أطالع إحدى الصحف المحلية لفت نظري مقال يحمل عنوان: يا أيها الآباء و الأمهات .. لقد أفسدتم أبناءكم !!
توقفت أمام العنوان و أنا أخمن ما الذي قد نكون فعلناه كآباء و أمهات حتى نفسد أبناءنا و نحن كوالدين ليس لنا هم في هذه الحياة سوى الوصول بهم إلى قمم الشهب , فكيف نكون سبب في إفسادهم,ومن خلال قراءة الموضوع وجدت أن الكاتب كان يتحدث عن لقاءه مع شخصية اجتماعية عريقة و الذي تضمن العديد من التوجيهات التربوية حيث كان طرحها في غاية الاحترافية على حد تعبير الكاتب .
وقد أثار الكاتب مسألة التربية و أساليبها و هذا ليس بالغريب عليه حيث انه من الذين خاضوا غمار التربية في يوم من الأيام و قد تذوق من كأسها الحلو و المر , وأوضح أن مظلة الحماية الزائدة التي يصنعها الوالدين على الأبناء في الوقت الحاضر هي احد الأسباب التي أدت إلى الوصول بالأجيال الحالية إلى ما هي عليه من تباعد في النفوس و الرغبة في إثبات الذات و لو على حساب الآخرين, وجدت نفسي و قد أعادني الكاتب من خلال هذا الموضوع للرجوع إلى الزمن الذي كان فيه جميع أعضاء المجتمع يشتركون في التربية ابتدأ من الأب و الأم في البيت و الجار في الشارع و الإمام في المسجد و المعلم في الفصل و الأهل في كافة الأماكن فأين نحن الآن من ذاك الزمان و الذي يوجه فيه الابن من الجميع فيكسب من الخبرات الناتجة عن التوجيهات الكثير الكثير مما يبني به ذاته و يعزز لديه القيم ,و حتى في أمور الألعاب و التسلية كانت الرحلات العائلية و الألعاب الجماعية هي السائدة في المجتمع آنذاك , لذا كان هناك تقارب في الأرواح بين الجميع , والإيثار في العطاء , والإحساس بالآخرين ,أما الآن فمعظم أبناءنا يلعبون بالألعاب الالكترونية و يجلسون أمام شاشات الحواسيب أو التلفاز أكثر مما يقضون معنا كأهل , فكيف نتوقع أن تكون مشاعرهم و أحاسيسهم و هم يتعاملون طوال الوقت مع أجهزة جامدة لا تولد لديهم سوى الانفعالات السريعة والرغبات المفعمة بالفوز مهما كانت النتائج .
من هنا أصبحت المشاعر والعواطف لا تحظى بالاهتمام من قبلهم , مما ولد في نفوسهم الجمود , وبالتالي أصبحت العلاقات بين الجميع تتسم بصفات المصالح و الاحتياجات والرغبة في الوصول إليها وتحقيقها بشتى الوسائل والطرق المشروعة وخلافها , ناهيك عن مسلسلات العنف التي تطالعنا كل يوم و آخر مما يجعلهم يعتادون على مثل هذه التصرفات فلا تحرك فيهم ساكنا بعدما ألفوها , جراء ما هم فيه تكاد نفوسنا تتمزق من الألم و هي تشاهد الدائرة تتسع في مجتمعنا المسلم الذي يدعو في كل تعاليمه إلى الرحمة و السماحة, والدعوة إلى الألفة و التآخي .
هنا نجد انه فعلا ينبغي علينا كآباء و أمهات أن نتوقف لنسأل أنفسنا هل مظلة الحماية التي فرضناها على أبناءنا لها فائدة عليهم أم أنها تجنى على ذاتهم ومستقبلهم ونكون بذلك قد خضعنا
للمثل القائل ( ومن الحب ما قتل أو بصورة أخرى و من الحب ما ضيع الأبناء) .
** همسة **
قال رسول الله ( كلكم راع ٍ و كلكم مسؤول عن رعيته )
متى شعر كل منا بان هذا الحديث يستهدفه و طبقه من خلال تعاملاته مع الآخرين, ابتدأ من أبناءه في المنازل و انتهاءً بكل مسلم يشهد بأنه لا اله إلا الله محمد رسول الله من حيث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,نكون حين ذلك قد حققنا معنى المسؤولية المقصودة .